حققت إسرائيل على امتداد الستين عامًا الماضية نجاحًا باهرًا، في تقليص حجم المطالب العربية، سواء لما يسمى بالحل النهائي أو استنئاف المفاوضات، حتى انحصرت هذه المطالب الآن في قضية « تجميد» مؤقت لبناء المستوطنات، خاصة في القدس الشريف، في الوقت الذي تشتد إجراءات الحصار الإجرامي لقطاع غزة، وتتصاعد مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وهدم المزيد من بيوت الفلسطينيين، وإفراغ القدس من ساكنيها العرب مسلمين ومسيحيين.
وقد أظهرت الإحصاءات أن سجل حكومات اليسار الإسرائيلي المرحب بها عربيا، في مصادرة الأراضي، وتوسيع المستوطنات، وهدم البيوت، وملء السجون الإسرائيلية بالفلسطينيين، وتدمير كل مقومات الحياة الإنسانية للفلسطينيين، يتفوق على سجل حكومات اليمين المتطرف، التي يقودها أمثال بنيامين نتنياهو.
اليوم، وبعد عدة شهور من جهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكل قادة الاتحاد الأوروبي، رفضت إسرائيل أي تجميد مؤقت لبناء المستوطنات، رغم أنه إجراء شكلي لا يقيم له الإسرائيليون وزنًا.
***
المشكلة كلها تكمن في الجانب العربي، فرغم كل هذا السجل المروّع من الجرائم الإسرائيلية المتلاحقة، خاصة الحرب على غزة ثم حصارها والحرب على بيروت، لم يتخذ العرب خاصة أصحاب العلاقات والتواصل مع إسرائيل أي إجراء عقابي، فضلا عن مقاطعة شاملة للعدو، باستثناء تصريحات الإدانة والأسف التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
في المقابل لابد من الاعتراف بأن الدول الأوروبية خاصة بريطانيا، قد عبّرت على الصعيد الحكومي والشعبي عن نوع من الغضب، بإجراءات عقابية لإسرائيل، كتجميد صفقات أو اتفاقيات، وإيقاف شحنات أسلحة أو تعطيل مفاوضات قائمة، أو إيقاف دعم مادي، كما أن الهيئات الأوروبية الشعبية المناهضة للكيان الصهيوني، تنظّم أنشطة شتى لإحكام المقاطعة، وتصعيد العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي كله.
اضغط على النجوم أدناه للتصويت: